فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فإذا ما استنفدتْ العقول البشرية نشاطاتها، وبلغتْ مُنتهى مَا لديها من ابتكارات، حتى ظنَّ الناس أنهم قادرون على التحكم في زمام الكون، لا يعجزهم فيه شيء، كما قال تعالى: {وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: 24].
فبعد ما أخذتم أسرار المنعِم في الكون على قَدْر ما استطعتم، فاذهبوا الآن إلى المنعِم ذاته لتروا النعيم على حقيقته، وكلما رأيت في دنيا الناس ابتكارات واختراعات تُسعِد الإنسان، فهذا ما أعدَّ البشر للبشر، فكيف بما أعدَّ الله الخالق لخَلْقه؟
فالمفروض أن زخارف الحياة وزينتها وكمالياتها لا تدعونا إلى الحقد والحسد لمن توفرتْ لديه، بل تدعونا إلى مزيد من الإيمان والشوق إلى النعيم الحقيقي عند المنعِم سبحانه.
ولو تأملتَ هذه الارتقاءات البشرية لوجدتها قائمة على المادة التي خلقها الله والعقل المخلوق الله والطاقة المخلوقة لله، فَدوْر الإنسان أنه أعمل عقله وفكره في المقوّمات التي خلقها الله، لكن مهما وصلتْ هذه الارتقاءات، ومهما تطورتْ هل ستصل إلى درجة: إذا خطر الشيء ببالك تجدْه بين يديك؟
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا}.
الحق سبحانه في هذه الآية يريد أنْ يُربِّي الكفار ويُؤنّبهم، ويريد أن يُبَرّئ ساحة رسوله صلى الله عليه وسلم ويتحمل عنه المسئولية، فهو مجرد مُبلّغ عن الله، وإياكم أن تقولوا عنه مُفْترٍ، أو أتى بشيء من عنده، بدليل أنني لو شِئْتُ لسلبتُ ما أوحيتُه إليه وقرأه عليكم وسمعتموه أنتم وكتبه الصحابة.
فإنْ سأل متسائل: وكيف يذهب الله بوحي مُنزِّل على رسوله، وحفظه وكتبه الصحابة، وسمعه الكفار؟
نقول: أولًا: سياق الآية يدلُّنا على أن هذه العملية لم تحدث؛ لأن الحق سبحانه يقول: {وَلَئِن شِئْنَا..} [الإسراء: 86] بمعنى: لو شِئْنا فعلنا ذلك، فالفعل لم يحدث، والمراد بيان إمكانية ذلك ليُبَرِّئ موقف رسول الله، وأنه ليس له من الأمور شيء.
والغريب أن يفهم البعض من قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ..} [آل عمران: 128] أنها ضد رسول الله، وقَدْح في شخصه، وليس الأمر كذلك؛ لأنه ربه تبارك وتعالى يريد أنْ يتحمّل عنه ما يمكن أن يُفسِد العلاقة بينه وبين قومه، وكأنه يقول لهم: لا تغضبوا من محمد فالأمر عندي أنا، وشبَّهنا هذا الموقف بالخادم الذي فعل شيئًا، فيأتي سيده ليدافع عنه، فيقول: أنا الذي أمرته.
ثانيًا: لماذا نستبعد في قدرة الخالق سبحانه أن يسلب مِنَّا ما أوحاه لرسوله وحفظناه وكتبناه، ونحن نرى فاقد الذاكرة مثلًا لا يكاد يذكر شيئًا من حياته، فإذا ما أرادوا إعادة ذاكرته يقومون بإجراء عملية جراحية مثلًا، فما أشبه هذه بتلك.
ونلاحظ في الآية جملة شرطية، أداة الشرط فيها {إنْ} وهي تستخدم للأمر المشكوك في حدوثه، على خلاف إذا فتأتي للأمر المحقق.
ثم يُوضِّح لنا الحق سبحانه أنه إنْ ذهب بما أوحاه لرسوله، فلن يستطيع أحد إعادته {ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} [الإسراء: 86]
ثم يقول الحق سبحانه: {إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا}.
قوله تعالى: {إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ..} [الإسراء: 87] أي: أنك لا تجد لك وكيلًا في أيِّ شيء إلا من جانب رحمتنا نحن، لأن فَضْلنا عليك كبير. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ} بعقولهم؛ وقال الضحاك: بالعقل والتمييز؛ ويقال: إن الله تعالى خلق نبات الأرض والأشجار وجعل فيها الروح، لأنه ينمو ويزداد بنفسه ما دام فيه الروح؛ فإذا يبس، خرج منه الروح وانقطع نماؤه وزيادته؛ وخلق الدواب وجعل لهن زيادة روح تطلب بها رزقها، وتسمع بها الصوت.
وخلق بني آدم وجعل لهم زيادة روح، يعقلون بها ويميزون ويعلمون.
وخلق الأنبياء وجعل لهم زيادة روح، يبصرون بها الملائكة ويأخذون بها الوحي ويعرفون أمر الآخرة.
ثم قال: {وحملناهم في البر والبحر} يعني: في البر على الرطوبة يعني: الدواب وفي البحر على اليبوسة وهي السفن {وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات}، يعني: الحلالات ويقال: من نبات الحبوب والفواكه والعسل، وجعل رزق البهائم التبن والشوك.
{وفضلناهم على كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، يعني: على الجن والشياطين والبهائم.
وروي عن ابن عباس أنه قال: فضلوا على الخلائق كلهم غير طائفة من الملائكة، وهم جبريل وميكاييل وإسرافيل وأشباههم منهم، وروي عن أبي هريرة أنه قال: المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده.
قوله: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم}، أي أذكر يوم ندعو كل أناس بكتابهم، ويقال بداعيهم الذي دعاهم في الدنيا إلى ضلالة أو هدى يدعى إمامهم قبلهم؛ وقال أبو العالية: بإمامهم أي بأعمالهم، وقال مجاهد: بنبيهم؛ وقال الحسن: بكتابهم الذي فيه أعمالهم.
{فَمَنْ أُوتِىَ كتابه بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءونَ كتابهم}، يعني: يقرؤون حسناتهم ويعطون ثواب حسناتهم.
{وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}، يعني: لا يمنعون من ثواب أعمالهم مقدار الفتيل، وهو ما فتلته من الوسخ بين أصبعيك.
ثم قال الله تعالى: {وَمَن كَانَ في هذه أعمى}، أي من كان في هذه النعم أعمى، يعني: لم يعلم أنها من الله، {فَهُوَ في الآخرة أعمى} عن حجته، {وَأَضَلُّ سَبِيلًا}؛ يعني: عن حجته.
قال مجاهد: {مَن كَانَ في هذه الدنيا أعمى} عن الحجة فهو في الآخرة أعمى عن الحجة {وَأَضَلُّ سَبِيلًا}، أي أخطأ طريقًا؛ وقال قتادة: {مَن كَانَ في هذه الدنيا أعمى} عمَّا عاين من نعم الله وخلقه وعجائبه، فهو في الآخرة التي هي غائبة عنه ولم يرها أعمى؛ وقال مقاتل: فيه تقديم ومعناه {وفضلناهم على كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.
ومن كان عن هذه النعم أعمى، فهو عما غاب عنه من أمر الآخرة أعمى؛ وقال الزجاج: معناه إذا عمي في الدنيا وقد تبين له الهدى وجعل إليه التوبة فعمي عن رشده، فهو في الآخرة لا يجد متابًا ولا مخلصًا مما هو فيه، فهو أشد عمًى وأضلّ سبيلًا أي أضل طريقًا، لأنه لا يجد طريقًا إلى الهداية فقد حصل على عمله.
وذكر عن الفرّاء أنه قال: تأويله من كان في هذه النعم التي ذكرتها أعمى، لا يعرف حقها ولا يشكر عليها وهي محسوسة، فهو في الآخرة أعمى؛ يعني: أشد شكًا في الذي هو غائب عنه في الآخرة من الثواب والعقاب.
ثم قال تعالى: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، أي: وقد كادوا ليصرفونك عن الذي أوحينا إليك إن قدروا على ذلك؛ وذلك أن ثقيفًا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: نحن إخوانك وأصهارك وجيرانك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَاذَا تُرِيدُونَ؟» قالوا: نريد أن نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال.
فقال صلى الله عليه وسلم: «وَمَا هُنَّ؟» قالوا: لا ننحني في الصلاة، ولا نكسر أصنامنا بأيدينا، وأن تمتَّعنا بالطاغية سنة يعني: بطاعة الأصنام سنة.
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «أمّا قَوْلُكُمْ لا نَنْحَنِي فِي الصَّلاةِ، فَإنَّهُ لا خَيْرَ في دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ وَلا سُجُودٌ».
قالوا: فإنا نفعل ذلك وإن كان فيه دناءة.
«وَأمَّا قَوْلُكُمْ: إنا لا نَكْسِرُ أصْنَامَنَا بِأيْدِينَا، فَإنَّا سَنَأْمُرُ مَنْ يَكْسِرُهَا».
قالوا: فتمتَّعنا باللات سنة فقال: «إنِّي غَيْرُ مُمَتِّعكُمْ بِهَا».
قالوا: يا رسول الله فإنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرنا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره أن يقول لا، مخافة أن يأبوا الإسلام، فنزل {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ}.
وقال السدي: إن قريشًا قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك ترفض آلهتنا كل الرفض، فلو أنك تأتيها فتلمسها أو تبعث بعض ولدك فيمسها، كان أرق لقلوبنا وأحرى أن نتبعك؛ فأراد أن يبعث ابنه الطاهر فيمسح، فنهاه الله تعالى عن ذلك ونزل: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} وروى أبو العالية، عن أصحابه منهم القرظي قال: لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النجم فبلغ {ومناة الثالثة الاخرى} [النجم: 20]، جرى على لسانه تلك الغرانيق العلى وأنَّ شفاعتهن لترتجى؛ فلما بلغ السجدة، سجد وسجد معه المشركون، ثم جاء جبريل فقال: ما جئتك بهذا فنزل: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} إلى قوله: {وَإِذًا لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا}، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم مغمومًا حتى نزل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ} الآية.
وروى سعيد بن جبير، عن قتادة قال: ذكر لنا أن قريشًا خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه، وكان في قولهم أن قالوا: يا محمد إنك تأتي بشيء لم يأت به أحد من الناس، وأنت سيدنا وابن سيدنا، فما زالوا يكلمونه حتى كاد أن يقاربهم.
ثم إن الله تعالى منعه وعصمه عن ذلك، فقال تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثبتناك لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] الآية؛ وذلك قوله: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} في القرآن.
{لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ}، يعني: لتقول أو تفعل غير الذي أمرتك في القرآن.
{وَإِذًا لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا}، أي صفيًا وصديقًا؛ ويقال: إن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد عن مجلسك سقاط الناس ومواليهم حتى نجلس معك، فهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك، فنزل: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} من تقريب المسلمين.
{وَإِذًا لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} لو فعلت ما طلبوا منك.
ثم قال {وَلَوْلاَ أَن ثبتناك}، يقول: عصمناك، ويقال: حفظناك.
{لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ}، يعني: لقد هممت أن تميل إليهم.
{شَيْئًا قَلِيلًا}، وتعطي أمنيتهم شيئًا قليلًا.
{إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة}، أي عذاب الدنيا، {وَضِعْفَ الممات} ؛ يعني: عذاب الآخرة، وهذا قول ابن عباس.
وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد أنه قال: ضعف الحياة عذابها أي عذاب الدنيا، وضعف الممات أي عذاب الآخرة، وهذا مثل الأول؛ ويقال: ضعف الممات أي عذاب القبر؛ ويقال: هذا وعيد للنبي صلى الله عليه وسلم، يعني: إنك لو فعلت ذلك، يضاعف لك العذاب على عذاب غيرك؛ كما قال تعالى: {يانسآء النبى مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرًا} [الأحزاب: 30]، لأن درجة النبي صلى الله عليه وسلم ودرجة من وصفهم فوق درجة غيرهم، فجعل لهم العذاب أشد.
وروي عن مالك بن دينار أنه قال سألت أبا الشعثاء عن قوله: {ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات}، فقال: ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة.
ثم قال: {ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} ؛ يقول: مانعًا يمنعك من ذلك، ويقال: مانعًا يمنع من العذاب.
قوله: {وَإِن كَادُواْ} وقد كادوا {لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا}، أي ليستزلونك ليخرجوك من أرض مكة.
{وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خلافك}، أي بعدك {إِلاَّ قَلِيلًا}، فيهلكهم الله تعالى.
وروى عبد الرزاق، عن معمر أنه قال: قد فعلوا ذلك فأهلكهم الله تعالى يوم بدر، ولم يلبثوا بعده إلا قليلًا؛ وقال مقاتل: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض}، يعني: من أرض المدينة.
نزلت الآية في حيي بن أخطب وغيره من اليهود حين دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حسدوه وقالوا: إنك لتعلم أن هذه ليست من أرض الأنبياء إنما أرض الأنبياء الشام، فإن كنت نبيًا فاخرج منها، فنزل: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا}، أي من أرض المدينة إلى الشام {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خلافك إِلاَّ قَلِيلًا} وأمر بالرجوع إلى المدينة.
ثم قال تعالى: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا}، أي هكذا سنتي فيمن قد مضى أن أهلك من عصوا الرسول ولم يتبعوه، ولا أهلكهم ونبيهم بين أظهرهم؛ فإذا خرج نبيهم من عندهم، عذبوا.
{وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا}، يعني: تغييرًا أو تبديلًا.
قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم في رواية حفص: {لاَّ يَلْبَثُونَ خلافك}، وقرأ الباقون: {خَلْفَكَ} ومعناهما قريب، يعني بعدك.
ثم قال: {أَقِمِ الصلاة}، يعني أتمم الصلاة ودم عليها {لِدُلُوكِ الشمس} يعني: بعد زوالها الظهر والعصر {أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ} يعني: إلى دخول الليل وهي المغرب والعشاء.
وروى سالم، عن ابن عمر أنه قال: دلوكها زيفها بعد نصف النهار أي تزوالها؛ وقال قتادة: زيفها عن كبد السماء؛ وروى ابن طاوس، عن أبيه أنه قال: دلوكها غروبها؛ وروى معمر، عن الشعبي، عن ابن عباس أنه قال: {لِدُلُوكِ الشمس} حين نزول الشمس؛ وروى مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: دلوكها غروبها؛ وقال ابن مسعود: غروبها؛ وقال القتبي: إلى غسق الليل.